الأربعاء، 20 نوفمبر 2013

الضغوط النفسية

أحداث الحياة وأثرها في الضغوط النفسية



 لقد بحث العلماء بصورة منتظمة منذ ثلاثين عاماً عن الفكرة القائلة بأن خطورة وقوع الإنسان في براثن المرض، تحصل عندما يتعرض إلى مزيد من التغييرات المفاجئة الصادمة أو حينما يواجه انفعالات عارمة. وقد تحقق صدق هذه الفكرة أيضاً من الملاحظات المتعمقة التي أجراها وسجلها الأطباء عن مرضاهم الذين كانوا يضجون بالشكوى من خبرات نفسية قاسية وإحباطات واجهتهم قبل تعرضهم للأمراض التي اضطرتهم إلى مراجعة العيادات. كذلك اتضح أن الموظفين الذين لا يتمتعون بحياة نفسية مستقرة كانوا يكثرون من الإجازات المرضية والتغيب عن العمل.

إن هذه الملاحظات قد أوحت إلى النفسانيين لصياغة مفهوم أحداث الحياة. ويعرف حدث الحياة بأنه أي تغيير ذي أهمية بالغة في ظروف الشخص التي يحياها، تتطلب منه وتضطره إلى أن يعيد توافقه النفسي والعملي مع ما استجد من متطلبات حياته. ومما يذكر في هذا السياق من أحداث الحياة، عدة عوامل من ذلك مثلاً:
1 ـ الطلاق ويمثل نسبته 73 %.
2 ـ وفاة أحد الزوجين و نسبته 100 %.
3 ـ الزواج والإحساس معه على عدم القدرة على تحمل المسؤولية ونسبته 50%.
4 ـ البدء بعمل جديد والتخوف من عدم القدرة على التكيف مع ظروفه ونسبته 36%.
5 ـ الإنتقال إلى سكن جديد ونسبته 20%.
6 ـ المشاكل المالية وتمثل نسبتها حوالي 60%.
والفرضية الأساسية التي تنطوي عليها الآراء الآنفة تقول: إن أية تغيرات مثيرة: المرغوبة فيها وغير المرغوبة، كلها تولد حالات من الضغوط النفسية، وبالتالي يمكنها أن تزيد من احتمالات الوقوع في براثن المرض.
ولقد أجريت دراسة على كوادر البحرية الأمريكية، في حرب فيتنام بقصد الكشف عن أثر الضغوط النفسية عليهم. ولقد أظهرت النتائج أن الذين يعانون من بينهم من مشكلات أحداث حياتية في حياتهم الخاصة، كانوا أكثر عرضة للمرض بسبب ضغوط الحرب بمقدار مرتين عما كان عليه زملاؤهم الذين لم يعانوا من مشكلات خاصة في حياتهم الخاصة.
وفي بحث مماثل آخر، تم إجراؤه في مؤسسة بحرية شمل مجموعة من طلاب البحرية فيها، أي شمل البحث المستجدين في الإنتساب إليها، وذلك لغرض معرفة تأثير ضغوط أحداث الحياة خلال الشهرين السابقين لانتسابهم فتبين أن عامل الإرتباط بين تلك الأحداث وبين المرض الذي تعرضوا له كان ارتباطاً عالياً.
وما تم توفره من نتائج حصيلة آلاف الدراسات، كلها تؤكد أن الأشخاص الذين أصابتهم أحداث الحياة أكثر من غيرهم، كانوا أكثر عرضة لشتى الأمراض المحتملة التي يمكن أن تحدث تحت الشمس، كما يقال، وما يحتمل أن يحصل من هذه الأمراض هي كما يلي:
1 ـ الصداع بأنواعه.
2 ـ التعرض لشتى ضروب البرد.
3 ـ الحساسية بأصنافها.
4 ـ مختلف أنواع الإلتهابات التي تصيب اللثة.
5 ـ أنواع من الأمراض النفسية.
6 ـ أمراض صمامات القلب.
7 ـ سرطان الدم.
8 ـ مرض السكري.
9 ـ مرض السل.
10 ـ تصلب الشرايين بأنواعه المختلفة.
ولضغوط أحداث الحياة كذلك تأثير على حالات ولادة الأطفال. فقد وجد أن المرأة التي تتعرض، قبيل أشهر الحمل، إلى ضغوط نفسية شديدة، يكون وليدها أقل وزناً وأضعف بنية وأهش صحة، مقارنة بالمواليد الذين لم تكن أمهاتهم قد تعرضن لمثل تلك الضغوط.
وترتبط ضغوط الحياة أيضاً بمخاطر تعرض الإنسان إلى الحوادث المختلفة. كما وجد أن الرياضيين الذين يعانون من ضغوط حياتية خاصة بهم، يكونون أكثر عرضة لمخاطر الحوادث التي يمكن أن تنجم عن ممارساتهم الرياضية وما يرتبط بها.
وكذلك الأشخاص الذين يمرضون وهم يعانون من ضغوط أحداث الحياة، فإن فترات مرضهم تمتد أكثر فأكثر.
ومما يجدر ذكره هو أن إدراك الإنسان وحساسيته إزاء صحته وطبيعة استجابته لذلك كله، وإنما تتوقف على صحته النفسية، وعلى حالته الإنفعالية، وما يمكن أن يكون عليه من حالة استقرار. وهذا هو ما يتباين الناس فيه أشد التباين.
فهناك فرق شاسع بين اعتقادك أو ظنك بأنك مريض، وبين أنك مريض بحق وحقيقة ولديك تشخيص طبي يؤيد مرضك بوثيقة طبية تتضمن نوعية مرضك. وليس البشر وحدهم يمكن أن تدمر صحتهم الجسمية الأحداث العاتية في الحياة، بل إن الحيوانات، هي الأخرى، تتدهور صحتها الجسمية أيضاً فتمرض عندما يتم تعريضها إلى أقسى الظروف التجريبية المخبرية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نرجوا من زوارنا الكرام التعليق ...بدون تجريح او سب ...