الأحد، 10 فبراير 2013


الإنسان السعيد



بديهي أن السعادة تتوقف جزئيا على الظروف الخارجية و جزئيا على الإنسان لكن لا ننسى السعادة التي تتوقف على أنفسنا، و توصلنا على خلاصة أن وصفة السعادة جد بسيطة، كثيرا من الناس يحسبون أن السعادة مستحيلة دون إيمان ديني تقريبا، و كثيرا من الناس التعساء يعتقدون أن أحزانهم مصدرها معقد، و فكري رفيع.
أنا لا أعتقد أن ذلك يمكن السبب الحقيقي للسعادة ولا للتعاسة أعتقد أن ذلك ليس سوى العرض أو الدلالة، الإنسان التعيس سيتبنى عموما إيمانا متشائما في حين أن السعيد سيعتمد إيمانا متفائلا .
هناك بعض الشروط الضرورية لسعادة غالبية البشر و لكنها أمور جد بسيطة : المأكل و المأوى و الصحة و الحب و العمل المكلل بالنجاح و احترام المحيط و إنجاب الأولاد بالنسبة إلى بعض الأشخاص أمر ضروري كذلك، وعندما يفتقر لهذه الشروط وحده الإنسان الاستثنائي يستطيع تحقيق سعادته .
إن الإنسان السعيد هو ذلك الذي يحيا موضوعيا و تكون له انفعالات حرة و اهتمامات واسعة و ذلك الذي يستمد سعادته من هذه الاهتمامات و الانفعالات ومن كون هذه بدورها تجعله هدف اهتمام و محبة بالنسبة إلى الكثيرين ، إن الإفادة من الانفعالات سبب قوي للسعادة و لكن من يتطلب المحبة ليس هو من يتلقاها إن الإنسان الذي يتلقى السعادة هو عموما من يمنحها و لكن لا فائدة من محاولة منحها بالحساب نفسه الذي نقرض به المال لقاء الفائدة (لأن المحبة المحسوبة ليست صادقة ومن يكون هدفا لها يشعر بها ).
الحياة السعيدة هي إلى حد كبير مرادف للحياة الجيدة، إن علماء الأخلاق أشادوا بنكران الذات، و شددوا بذلك على ما لم يكن ينبغي التشديد عليه، ‘بأن النكران الواعي يترك الإنسان مستغرقا في ذاته ، ولهذا فإنه يفقد غالبا هدفه المباشر و هدفه النهائي دائما.
لا أحد يطلب إلى الإنسان أن يضحي بنفسه بل يطلب إليه أن يضع مصالحه خارج ذاته ، الأمر الذي يؤدي عفويا و طبيعيا إلى الأعمال عينها التي يستطيع القيام بها شخص مستغرق في مطاردة فضيلته الشخصية، بفضل تضحية واعية .
إن من الفضيلة أن يساعد المرء المحتاجين إلى المساعدة و لما كنت أود أن أكون فاضلا ينبغي أن أساعد من هم حولي .
إذا لا يجب أن يكون الحب أنانيا إلى حد الإفراط ، لكن بحسب كل الأدلة ينبغي أن يكون مثل ارتباط سعادة المرء بنجاحه ، يتعين علينا ولا شك أن نرغب في سعادة الذين نحبهم ولكن لا يتعين علينا أن نعتقد أن هذا يستبعد سعادتنا .
بفضل هاته الاهتمامات يتوصل الإنسان إلى الشعور بأنه جزء من تيار الحياة و ليس مثل كيان منعزل و صلب ككرة البياردو التي لا يمكن أن يكون لها علاقات أخرى بسائر الكائنات المماثلة إلى بالصدمة .
إن كل فقدان للسعادة ينجم عن تفتت أو عن فقدان التكامل ، هناك تفتت أو تفكك في الأنا بفقدان التنسيق بين الوعي و اللاشعور ، هناك فقدان للتكامل بين الأنا و المجتمع حيث هما غير مرتبطين بقوة الاهتمامات و الانفعالات الموضوعية .
إن الإنسان السعيد هو ذلك الذي لا يشكو فقدان أي مكونات هذا التركيب.
الإنسان السعيد هو ذلك الذي لا تكون شخصيته منقسمة على ذاتها ، وليست في خصام مع العالم.
مثل هذا الإنسان يحس بأنه مواطن في الكون يتمتع بكل حرية بالمنظر و المباهج التي يقدمها العالم، لا تزعجه فكرة الموت، لأنه يشعر حقا بأنه منفصل على الذين يأتون بعده، ففي هذا التحاد العميق و الغريزي مع تيار الحياة، نستطيع أن نجد المباهج الأكثر حدة وقوة 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نرجوا من زوارنا الكرام التعليق ...بدون تجريح او سب ...